علوم شرعية وفتاوي

(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم

التعزية قبل دفن الميت

يلاحظ في المقبرة، أن كثيرا من الناس المشيعين يجلسون في مكان التعزية، والميت لم يدفن، فهل هذا الفعل يجوز؟

٭ يكره عند الحنفية والحنابلة أن يجلس المشيعون للجنازة قبل أن توضع الجنازة في القبر، وقد ورد ما يؤيد ذلك من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعا: (إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع بالأرض) (البخاري 2/178، ومسلم 2/660). وأخذ الحنفية من هذا أن الكراهة هنا تحريمية. ولم ير المالكية في هذا بأسا، إذا كان الجلوس قبل أن توضع الجنازة عن الأعناق. والشافعية قالوا بالخيار، فيستوي في ذلك القيام والجلوس. ولعل الراجح هنا: القول بالكراهة للحديث الصحيح، ولا يمنع الحديث الترخيص بالجلوس لعذر كبر أو مرض، أو خوف تضرر من برودة أو حرارة.

قول الموصي في حياتي أو بعد مماتي

توفيت الوالدة (رحمها الله وغفر لها) وكانت قد خصصت مبلغا لأحد أولادها مساواة مع اشقائه لأمور الزواج وقد كان هذا الامر مشافهة، وكانت تقول ان هذا المبلغ له وأن يأخذه سواء في حياتها او بعد مماتها (رحمها الله). الآن وبعد وفاتها هل يحق اعطاؤه المبلغ بناء على رغبة الوالدة قبل تقسيم الإرث. جزاكم الله كل خير.

٭ إذا قالت يأخذه في حياتها أو بعد مماتها فلم يأخذه في حياتها فهذه وصية بالمبلغ يستحقه الابن، إذا كان ما قالته الوالدة رحمها الله لا ينازع فيه والكل موافق على أنها قالته. والله أعلم.

الصلاة على الميت بغير بلده

شخص يقول: توفي أحد أقربائه في إحدى البلاد، وتمت الصلاة عليه ودفن، فهل يجوز أن يصلى عليه مرة ثانية وهو في بلده؟

٭ تجوز الصلاة على الغائب، لما ورد من حديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف أصحابه وكبر أربع تكبيرات). وإذا تمت الصلاة على الغائب، فللعلماء أقوال في ذلك، لعل أصوبها قول ابن تيمية: أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه، صلى عليه، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار، ولم يصل عليه، وإن صلى عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب. (زاد المعاد 1/145).

نقل الميت الى بلده

توفي رجل ذو مكانة في بلده، ووجدوا في أوراقه وصيته، وهي أن يدفن في الكويت، البلد الذي يعمل فيه، ولكن أبناءه وأهله، ألحوا بالاتصالات، لينقل إليهم على وجه السرعة، وإن عدم نقله يسبب عارا لأهله وأبنائه في بلدته، ويصمونهم بالعجز وعدم البر بوالدهم، أن يتركوه يدفن في الغربة، فما هو حكم الشرع؟

٭ الواجب أن يدفن الميت في المكان الذي يتوفى فيه، وأن يستعجل في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم «أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخيرا تقدمونها عليه، وإن تكن سوى ذلك، فشرا تضعونه عن أكتافكم» (البخاري ومسلم). والسنة أن يُدفن من مات في مكان موته، ولا ينقل عنه إلى غيره، كما حدث يوم أحد، حيث حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم: أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فردوا» أي حيث قتلوا، (رواه الخمسة وهو صحيح، بل ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة النقل حتى لو أوصى بأن ينقل، فإن وصيته لا تنفذ. قال الإمام النووي: وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته، فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرح به المحققون، فيجب أن يدفن حيث مات، خاصة أنه قد أوصى بذلك، ووصيته في حق نفسه مقدمة على حق غيره، وقد أوصى بالسنة رحمه الله رحمة واسعة.

إغلاق
إغلاق